كتب: محمد تمساح
أكدت رسالة دكتوراة بمعهد الدراسات الأفروأسيوية بجامعة قناة السويس أنه وعلى الرغم من الجهود المبذولة من الإتحاد الأفريقى والدول الأعضاء لتحسين البيئة الأمنية ومواجهة ظاهرة الإرهاب فى أفريقيا إلا أنها غير كافية،.
وأضافت الرسالة التي ناقشها اللواء أركان حرب محمد عبد الباسط المدير العام لمركز الساحل والصحراء لمكافحة الإرهاب أنه بعد سنوات من نشر العديد من عمليات مكافحة الإرهاب، بما فى ذلك بعثة الإتحاد الأفريقى فى الصومال، وقوة العمل المشتركة متعددة الجنسيات ضد بوكوحرام، والعديد من البعثات غير الأفريقية، ومع ذلك لم تقترب القارة الأفريقية من هزيمة التطرف العنيف أو حتى إحتوائه.
وتابع عبد الباسط في رسالته "وانتشرت العمليات الإرهابية ووصلت إلى مناطق مثل منطقة البحيرات الكبرى وجنوب أفريقيا والى دول مثل موزمبيق والدول الساحلية فى غرب أفريقيا، وأصبحت الجماعات المتطرفة قادرة على شن الهجمات العسكرية على نحو متزايد، وساعدهم على ذلك قدرتهم على تمويل عملياتهم من الشبكات الدولية غير المشروعة والجرائم العابرة للحدود الوطنية مثل القرصنة وأنشطة المرتزقة إلى جانب الإتجار بالبشر والسلع المزيفة والمخدرات والأسلحة النارية.
، واعتبرت الرسالة أنه وللأسف تعتبر دول القارة الأفريقية بيئة خصبة لإحتضان هذه الجماعات الإرهابية، لما تعانى منه معظم الدول الإفريقية من جهل وفقر وبطالة وتدنى الخدمات التعليمية والصحية بالإضافة إلى ضعف الحكومات، مما يسهم فى تجنيد الشباب
،وكانت الرسالة بعنوان: دور استراتيجيات الاتصال السياسى للإتحاد الأفريقى فى مواجهة ظاهرة الإرهاب فى أفريقيا فى الفترة من ٢٠٠٢ وحتى ٢٠٢٠ .
وكانت لجنة المناقشة مكونة من: الدكتور جمال زهران استاذ العلوم السياسية بجامعة بورسعيد، والدكتور أحمد محمد وهبان عميد كلية الدراسات الإقتصادية والعلوم السياسية بجامعة الأسكندرية، والدكتورة عبير إبراهيم عزى استاذ الإعلام المساعد ووكيل كلية اللغة والإعلام بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى، والدكتورة نشوة سعد بسطاويسى أستاذ أصول التربية المساعد بجامعة قناة السويس، وقد حصل الباحث عن هذه الرسالة على درجة الدكتوراه بمرتبة الشرف الأولى .
وقد توصلت الدراسة إلى أن الجهود الأمنية وحدها لا تستطيع مكافحة الإرهاب، بل يجب مزجها بمواجهة الفكر المتطرف الإرهابى، وذلك عن طريق الإعلام ووسائل الإتصال السياسى، حيث يُعد الإتصال السياسى عملية تفاعلية تتعلق بنقل المعلومات بين السياسيين ووسائل الإعلام والجمهور، بما يدعم القضاء على الأفكار المتطرفة ومكافحة الدعاية الإرهابية والمعلومات المضللة بالإضافة إلى دعم المواطنة والمشاركة السياسية .
واوصت الدراسة بالتعاون الإقليمى بين الدول الإفريقية للتصدى لظاهرة الإرهاب، وتهميش الخلافات بين الدول الإفريقية، والبحث عن طرق جديدة للتكامل الإفريقى خاصة على الجانب الإقتصادى بما ينعكس على رفع الأحوال المعيشية لسكان القارة الإفريقية وتخفيف حدة الفقر، كما أوصت الدراسة بإنشاء إدارة إعلامية متخصصة تتبنى إستراتيجية فاعلة وتقدم محتوى إعلامى يتناسب مع الشعوب الإفريقية وتتسم بالشفافية ونظراً لأهميتها تتبع رئيس المفوضية الأفريقية مباشرةً، واوصت الدراسة بالعمل على دحر التنظيمات الإرهابية من منظور فكرى أيديولوجى من خلال وضع إستراتيجية شاملة لا تقتصر فقط على البعد الأمنى وإنما تنطلق من أهمية المواجهة فكرياً وثقافياً.
وتحدثت الدراسة في البداية عن أهمية القارة الأفريقية
القارة الأفريقية فرضت أهميتها العالمية، على مر العصور لما تتمتع به من موارد متنوعة، إلى أن أصبحت ملاذاً إقتصادياً لدول العالم الغربى عقب إنتهاء الحرب العالمية الثانية، لتتزاحم القوى الإمبريالية لإستعمارها لتدعم إقتصادها المنهار، حتى إستطاعت القوى الغربية إدارة عجلة التنمية فى دولها على حساب شعوب القارة الأفريقية، حتى بعد إستقلال الدول الإفريقية وتأسيس منظمة الوحدة الأفريقية عام ١٩٦٣ ، ثم تأسيس الإتحاد الأفريقى عام ٢٠٠٢ كمنظمة إفريقية قارية ليحل محل منظمة الوحدة الأفريقية، من أجل تعزيز التضامن الأفريقى وحل قضايا القارة السياسية والإقتصادية والأمنية، ووصل عدد الأعضاء بالإتحاد الأفريقى ٥٤ دولة أفريقية مستقلة يقطنها مليار ومائتان مليون نسمة، إلا أنه رغم الإستقلال ما زالت القارة السمراء تدور فى رحى سلسلة من الإنقلابات والدكتاتورية وفساد الحكومات والصراعات العرقية بالإضافة إلى النزاعات الإقليمية والنزاعات على الحدود التى فرضها الإستعمار الأوروبى، وبالرغم من الجهود المبذولة من الإتحاد الأفريقى إلا أن القارة الأفريقية تبدو على الخريطة العالمية وكأنها بؤرة صراع مشتعلة تتسع مع زيادة النهم الغربى لإحياء نفوذه فى ربوعها، وتحولت الحركات المقاومة للإستعمار إلى ميليشيات مناهضة للحكومات الفاسدة وإمتزحت أهدافها الوطنية مع ميولها العرقية لتمثل خطراً حقيقياً على الإنسانية وإزداد عنفها إلى أن تغيرت أيدولوجيتها من مقاومة إلى عنف تتفق مع مصالحها فمثلت إرهاباً حقيقياً وتعددت هذه الجماعات لتصل إلى أكثر من ٦٤ جماعة إرهابية .